يجب على كل من تعامل في الأسهم خلال السنتين الماضيتين وارتبط بشكل أو بآخر في أزمة السوق المالية أن ينظر إلى نفسه جيداً في المرآة ذات صباح، ويحدق في وجهه ويصارح نفسه بحقيقة ما يراه.. ثم يتساءل بينه وبين نفسه عن صفات الشهامة والنخوة والتسامح والنجدة والقناعة؟ وهل هذه تتغلب أم أن صفات الانتقام والجشع والأنانية والنظرة الانفرادية والفردية ترجح كفتها في الميزان؟
وإذا استطاع المرء أن يخدع الناس في صفاته فإنه بالتأكيد لن يستطيع خداع نفسه.
ذلك أن من مزايا الأزمة الطاحنة التي حلت بنا هي أنها كشفت حقيقتنا وعرَّتنا أمام أنفسنا وأمام بعضنا بعضاً، وأزالت الغشاء والغشاوة عنا وعن أعيننا وعرف الناس أصدقاءهم من مدَّعي الصداقة، واكتشف الآخرون أهمية قرابتهم.
المفروض أن يعيد الناس النظر بعلاقاتهم مع الأصدقاء والأقارب، ويعيدوا تقييم الصداقات ويضعوا الأقارب في موضعهم الحقيقي بغضّ النظر عن رابطة الدم التي أصبحت لا تُقاس برابطة المال.
وكما أن الأزمة قد كشفت عن معدن الرجال؛ فإنها ستؤدي إلى معادلات جديدة في علاقات الناس ببعضها، ولعل في هذا فائدة للجميع؛ بحيث تختفي الادعاءات وتختفي المجاملات الكاذبة ويختفي النفاق من علاقات الناس ببعضهم ويواجهون حقيقة واقعهم، وهو أن المصالح المادية هي الرابط الوحيد الذي بقي لهم، وأن أي علاقات روحية أخرى لا بد وأن نبدأ في بنائها من جديد ونصبر وقتاً طويلاً لعلها تثمر في جيل أبنائنا، أما في جيلنا فيكفينا أن نذكر قول المرحوم يوسف وهبي: “شرف البنت زي عود الكبريت.. ما يولعش إلا مرة واحدة”.