March 2, 1983

يوم الإثنين 29 فبراير 1982م انخفض سعر الذهب بمقدار 50 دولاراً في يوم واحد في أسواق العالم، وكان التبرير الذي قيل هو أن الدول النفطية ذات الاحتياطي المالي الكبير قد تطرح كميات من الذهب في الأسواق العالمية بقصد تعويض النقص المالي الذي حدث بسبب انخفاض أسعار النفط نفسها.

ويوم السبت 27 فبراير 1982م نشرت مجلة “الإيكونوميست” وهي المجلة التي أشرنا إليها سابقاً باعتبارها أحد معالم الفكر الاقتصادي الغربي، مع ملاحظة أنها مملوكة من قبل عائلة روتشيلد اليهودية، مقالاً بعنوان “افرضوا ضريبة على البنزين”، قالت فيه: إن من الضروري ألا يشعر المستهلك العادي الغربي بانخفاض أسعار النفط لئلا يعود إلى سابق عهده في الاستهلاك، وخاصة بعد أن اعتاد على نمط جديد، وأصبح يتقبل نفسياً ضرورة الاقتصاد في استهلاك الطاقة، وتقول “الإيكونوميست”: إنه إذا شعر المستهلك العادي بانخفاض الأسعار في محطات البنزين فإنه سيعود إلى الاستهلاك الكبير؛ مما يؤدي بدوره إلى ازدياد الطلب على النفط مرة أخرى، وهذا قد يقود إلى إيقاف انخفاض أسعاره وربما العودة بها إلى الارتفاع.

واقترحت “الإيكونوميست” تفادياً لذلك أن تفرض الحكومات الغربية ضريبة فورية على البنزين في المحطات، بحيث تعادل أي انخفاض قد يحصل في الأسعار، وترى “الإيكونوميست” أن محصول هذه الضريبة يمكن استعماله للتخفيف من أزمة البطالة الغريبة وتوجيهه إلى مجالات إنمائية جديدة، وطالبت “الإيكونوميست” بأن يكون هذا الموضوع على رأس قائمة جدول الأعمال في اجتماع القمة الاقتصادي الغربي في مدينة ويليامز بورج بالولايات المتحدة في شهر أبريل 1983م.

إذاً الحلقة تضيق ويتم إقفالها من جميع الجهات، فالهدف هو تحقيق نبوءة مهندس التخطيط السياسي الأمريكي دكتور هنري كيسنجر في إبطال مفعول أي قوة عربية، ولا يكفي إبطال قوة النفط نفسه، بل الواجب هو إبطال مفعول الأموال العربية والاحتياطيات العربية التي قد تساعد بعض الدول العربية النفطية على مقاومة انخفاض الأسعار! ولهذا كما يقول المثل الكويتي “طق لهم حواش”! فإذا أرادوا أن يطرحوا جزءاً من موجوداتهم كالذهب في الأسواق؛ فيجب ألا يحصلوا من خلاله على مال يكفيهم لمقاومة انحدار الأسعار.

والسؤال الذي لا بد أن يطرحه الآن كل من تعامل في الذهب هو: هل يعرف الناس من هم الذين يحددون أسعار الذهب يومياً؟ وما هي قوى السوق التي تتحكم في ذلك؟ إنها المصالح اليهودية بالطبع سواء عن طريق السيطرة على الشركات التي تملك مناجم الذهب وبالتالي تتحكم في إنتاجه، أو السيطرة على الشركات التي تتولى تسويق الذهب، أو في نهاية الأمر السيطرة على الغرفة التي يجتمع فيها دلالو الذهب يومياً في لندن مع خطوط الاتصال التي تربطهم بهونج كونج وزيوريخ ونيويورك ويقررون رفع أو خفض السعر حسبما يقدرون هم أنه اتجاه السوق! هؤلاء بالطبع موظفون ينتمون إلى الشركات التي تتخصص في بيع الذهب ومعظمها يهودية.

هذا هو التحدي الذي تواجهه الدول النفطية الآن، والغرب لا يرحم إذا تمكن من خصمه، وحتى بريطانيا التي تعتمد على النفط الآن اعتماداً كبيراً تجدها تتدلل وتتعذر بمختلف الحجج حتى لا تضطر إلى التنسيق مع دول “الأوبك” لإيقاف تدهور أسعار النفط، فهي أول من أقدم على التخفيض في الأسعار والزيادة في الإنتاج في الوقت نفسه.

هذا التحدي الكبير الذي تواجهه الدول النفطية وخاصة العربية منها يتطلب ضم الصفوف والإسراع في معالجة الأمور المعلقة حتى تتفرغ البلاد لمواجهة أزمة انحدار أسعار النفط وهي أزمة مصيرية لا يعادلها أزمة أخرى.

وربما يكون هذا الخطر سبباً وجيهاً لقطع إجازة الربيع وعودة أعضاء مجلس الأمة لممارسة دورهم الذي انتخبهم الشعب من أجله، بدلاً من إهدار الوقت في التسكع في الخيام والصحراء والبلاد تمر في أزمة طاحنة داخلياً وخارجياً.

Comments are closed.