April 28, 1983

الآن.. وقد بدأ مجلس الأمة في مناقشة هذا الأمر، فإن عدداً من الحقائق والبديهيات لا بد وأن توضع أمام السادة النواب وهم يقررون في أهم قضية تواجهها البلاد منذ استقلالها.

أولى هذه الحقائق هي أن الأمر لا يتعلق فقط بأفراد القوات المسلحة، وربما كان وضع هؤلاء هو الظاهر والواضح والمحتاج لقرار سريع يحقق لهم العدالة، ولكنهم ليسوا الفئة الوحيدة التي يخصها هذا الأمر.

والحقيقة الثانية أن التجنيس هو العلاج الوحيد لقضية عدم كفاية أعداد الكويتيين أنفسهم، وعدم الكفاية لا ينحصر فقط في تأدية الخدمات وإدارة المرافق التي تتطلبها الحياة العصرية الحديثة التي يعيشها الناس الآن، ولكنها تتعدى ذلك إلى موضوع الدفاع عن استقلال البلاد وكيانها في المستقبل.

والحقيقة الثالثة هي أن البلاد الغنية كالكويت مطموع فيها، ولهذا فيجب أن يحتل موضوع الدفاع عنها حيزاً كبيراً من تفكير أهلها، وعليهم أن يواجهوا الحقيقة الساطعة، وهي أنه مهما استعملوا من عجائب التكنولوجيا، فإنه لا بد من وجود حد أدنى من المواطنين، وهذا الحد الأدنى المطلوب وجوده للدفاع عن البلاد غير موجود الآن.

والحقيقة الرابعة هي أن التجنيس في الكويت لن يكلّف البلاد أعباء إضافية أخرى في مجالات الخدمات، فالذين يمكن تجنيسهم موجودون الآن في الكويت، ويتمتعون بما فيها من مرافق وخدمات، ومعنى ذلك أن تكلفتهم محسوبة، والإضافات الوحيدة الجديدة ستكون في نقل بعض أبنائهم من المدارس الخاصة التي تدعمها الحكومة مالياً إلى المدارس الحكومية التي تصرف عليها الحكومة مباشرة.

وستكون في توفير السكن لهم باعتباره حقاً لكل كويتي، وهذا ثمن بخس تدفعه البلاد في سبيل تقوية صفوفها.

والحقيقة الخامسة هي أن المتجنس الآن سيكون أشد ولاءً للبلاد من غيره؛ إذ سيكون انتماؤه للوطن الجديد باختياره، ولم يتم لأنه ولد من أب كويتي فقط، ولم يكن له خيار في ذلك.

والحقيقة السادسة هي أننا قبل الخوض في التجنيس، يجب علينا أن نزيل الوصمة الموجودة الآن في البلاد، والمتعلقة بمن لا جنسية لهم، فيتم منحهم الجنسية مرة واحدة، فهؤلاء لا ينتمون إلى أي بلاد أخرى، وليس الآن مجال التدقيق في أصلهم وفصلهم ومن أي خلية بشرية انبثقوا، فهم موجودون في هذه البلاد ولا يعرفون غيرها، ولهذا فهم معلقون في عنقنا.

والحقيقة السابعة هي أننا إذا أردنا أن نجنس فعلينا ألا نفسد آثار التجنيس بإجراءات توجِد لدى المتجنس غصة في حلقه، وتشعره بأنه مواطن من الدرجة الثانية، ومثل ذلك حق زوجته في الحصول على الجنسية متى ما حصل عليها هو؛ إذ يجب أن يتمتع بنفس الحقوق التي يتمتع بها الكويتي الأصلي.

والحقيقة الثامنة هي ضرورة تخفيض الفترة التي تمر على المتجنس قبل تمكنه من ممارسة الحقوق الدستورية والتصويت والترشيح لعضوية مجلس الأمة؛ إذ ليس من المعقول ولا من العدالة أن ينتظر المتجنس 21 سنة قبل أن يتمكن من التصويت في الانتخابات، ولا يوجد بلد في العالم يفرق بين مواطنيه بهذه الطريقة.

والحقيقة التاسعة هي أن من يطبق القانون الجديد – إذا صدر – يجب أن يكون مؤمناً بروحه، ونصوصه، وإلا فإن القانون سيصدر، ولن يطبق؛ لأن المبادرة قد تكون في يد لجنة لا يؤمن أعضاؤها بما يهدف إليه القانون؛ فتقوم بممارسة الحد الأدنى من الصلاحيات وتخلق من العقبات الإدارية والتأخير ما يفقد القانون معناه.

والحقيقة العاشرة هي أن الوقت ليس معنا، وأن ترسيخ الولاء يحتاج إلى إحساس المتجنس بأنه مواطن كامل الحقوق، ولا يمكن أن يكتشف ذلك إلا بالممارسة.

والممارسة تتطلب وقتاً.. والوقت يجري وليس في صالحنا..

وفي الختام.. حبذا لو استدعت اللجنة المختصة التي تدرس هذا القانون، وهي لجنة الداخلية والدفاع، عدداً من المختصين من وزارة التخطيط، فإن لديهم من الدراسات والبيانات والاقتراحات ما لا يُعد ولا يُحصى.

Comments are closed.