مرَّ الكاتب ذات يوم بمنطقة الصوابر؛ فرأى ركاماً من الإسمنت المسلح يُبنى على شكل أهرامات قبيحة الشكل، يتضح لدى التدقيق فيها أنها شقق، وتحسَّر الكاتب على أيام مجلس التخطيط.
فقد كانت هذه المنطقة مخصصة لعملية إعادة إسكان الكويتيين في العاصمة نفسها، وتم اختيار أحد المهندسين العالميين، فجاء بتصميم غاية في الجمال والإبداع؛ إذ إنه أقام ثلاثة أنواع من المساكن:
النوع الأول مساكن متراصة ببعضها وبارتفاع دورين وتشكل كل مجموعة منها مربعاً يمتد على مدى بُعد معين، وينتج عن ذلك فراغ داخلي، لا يمكن الوصول إليه إلا عن طريق البيوت نفسها.
وكان هذا الفراغ هو الحديقة وهو الحوش وهو الملعب الجماعي لأطفال هذه المجموعة من الناس.
والنوع الثاني كان عبارة عن مساكن على شكل شقق وبارتفاع ثلاثة أدوار فقط، وبها كذلك المربع الذي يصبح حديقة واسعة.
والنوع الثالث كان عبارة عن مجموعة من العمارات بشقق للناس الذين يفضلون هذا النوع من السكن.
وامتاز التصميم القديم بشكل عام بمحاولة العودة إلى إحياء نمط الحياة الكويتية القديمة مع تحديث وسائلها، وإعادة فكرة الحي أو الفريج، وحيث لا وجود للانعزال الذي تفرضه حياة الشقق.
أما تكلفة كل ذلك – عام 1973م – فلم تزد في حينها على 8 ملايين دينار، وكانت تتيح للأذواق المختلفة من السكان أن تعبر عن نفسها بالاختيار، وكالعادة تأجل ذلك المشروع أو أُلغي؛ لأن وزارة الأشغال رأت حينها إعادة النظر في تكاليف الاستشارات الهندسية، ورفض المسؤولون فيها فكرة المشروع نفسه.
أما الآن، فإن تكلفة الركام الإسمنتي الذي يقام على شكل أهرامات في تلك المنطقة يعتبر من أسرار الدولة، ولكن المطلعين يفيدون بأن تكلفة ما صرف حتى الآن على تلك الغابة الإسمنتية يقارب 34 مليون دينار، والبقية تأتي..