أولاد النعمة هم أولاد الجيل الذي شهد النعمة النفطية، وكسب الملايين منها؛ ولهذا فإنه يعتقد أن أول واجباته هو أن يجنب أولاده أي مشقة محتملة، وأن يغدق عليهم ما حُرم منه هو في طفولته؛ ولهذا فإنه يفتح خزائنه دون قيد ولا شرط لأولاده، وإذا قدر لهؤلاء الأولاد أن يكملوا المرحلة الثانوية، ويتجهوا إلى أمريكا مثلاً لإكمال الدراسة؛ فإن الآباء يغمرون الأولاد هؤلاء بالآلاف المؤلفة من الدولارات بحيث يختل توزان الولد، ولا يصبح للعمل أي قيمة أو معنى لديه، وينهار ما بقي له من موانع خُلقية، فإذا بهم منغمسون في المخدرات والجنس الرخيص المعتمد على شراء أجساد النساء بالمال.
فهذا النوع من البشر الموجودين الآن كطلبة كويتيين في أمريكا أو غيرها يعكسون الفشل الذريع الذي يقاسي منه آباؤهم، ويعكسون الانحطاط المريع الذي وصل إليه البعض من الناس، وهم يُفسدون أبناءهم بالمال الذي لا حدود له، وبانعدام الانضباط العائلي، والذي – بدوره – ينعكس على هؤلاء الأولاد؛ فإذا بهم أشخاص يتصفون بالتفاهة، وبأنهم مملون، وليس بينهم ما يميزهم سوى أنهم مترفون لا يكادون يصمدون أمام أي مشكلة أو أزمة، وتتفشى فيهم المخدرات والأخلاق الشاذة.
هذا الجيل الفاشل ينطبق عليه قول أبي العلاء المعري:
هــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــذا جنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاه أبي عــــــــــــــــــلي
ومــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا جنيـــــــــــــــــــــــــــت علـــــــــــــــــــــى أحـــــــــــــــــــــد
التربية – أيها السادة – ليست إرخاء الحبل على الغارب، وفي الوقت نفسه ليست الشدة غير المنطقية، وإنما هي بين الاثنين، ومثل ما قال معاوية بن أبي سفيان: إذا شدوا أرخيت.. وإذا أرخو شددت.
وأول عناصر التربية هو أن يجد الولد في والده مثلاً أعلى يحتذي به.
والخشية كل الخشية هي أن هؤلاء الأولاد لا يرون في آبائهم مثلاً أعلى في البيت، وما أكثر الآباء الذين تكتنفهم الآن مرابع القمار والنوادي الليلية الرخيصة في لندن الجديدة التي لم يعرفها جيل الكاتب وزملاؤه ممن أكملوا دراستهم في إنجلترا! والحق أنه ليست لديهم الرغبة في معرفة هذه اللندن، فهي لا تشرفهم، بل تمثل في نظرهم امتهاناً للقيم الإنسانية، ولا عجب بعد ذلك إذا أنجب هؤلاء المغاوير أولئك التافهين.. فهذا الشبل من ذاك الأسد!