May 20, 1983

هل يعتبر الكاتب شخصاً متخصصاً بحيث يراعي في كتابته مخاطبة نظرائه من المتخصصين؛ ولهذا عليه اتباع الحيطة والحذر فيما يطرحه من آراء؟! أم هل الكاتب – إذا استمر في الكتابة – يعتبر شخصاً ذا اهتمامات عامة بحيث يتطرق للجوانب العامة من أي موضوع متخصص، فيعلق على تلك الجوانب دون أن يغوص في التفاصيل؟

هذا التساؤل سببه بعض الملاحظات سمعتها عن بعض المقالات التي كتبتها، فمثلاً سألني أحد الأصدقاء بعد قراءة المقال حول البنوك: متى ستكتب الحلقة القادمة في نفس الموضوع باعتبار أن الطرح الذي تم كان طرحاً عاماً؟ فأجبته بأنه لا توجد حلقة أخرى؛ لأن القصد من طرح الموضوعات بالشكل الذي تطرح فيه هو إثارة الحوار والمناقشة حولها، والكاتب يرحب بمن يرغب في الرد على ما يُنشر سواء بالقبول أو بالنقد، أما معالجة مثل هذه الموضوعات بطريقة متخصصة، فليس مجالها الصحافة اليومية أو الأسبوعية، وإنما مجالها الصحافة المتخصصة.

وسمعت رأياً آخر في موضوع الاستثمار في الصناعات الحديثة؛ وهو أن الكاتب لم يجد شيئاً يكتبه ذلك الأسبوع فبادر إلى نقل ما تكتبه الجرائد الأخرى ودمجها على شكل مقال.. والحق أن مصادر المعلومات في عصرنا الحديث متنوعة، ومن أهمها الجرائد والصحف بشكل عام، ولا يضير الاستعانة بها لتوضيح نقطة معينة أو شرح موضوع معين.

وأهم المشكلات التي تواجه الكاتب هي في الرد على السؤال الصعب وهو: من يخاطب الكاتب وهو يكتب؟ وأي نوع من الجمهور يقصد أن ينقل إليه آراءه؟ وهذا بالطبع سؤال ليس من السهل الإجابة عنه، فربما قرأ المقال أناس عاديون جداً فرأوه صعباً.

وقرأه أناس متخصصون جداً فرأوه ضحلاً، وقرأه مسؤولون فرأوه انتقاداً.. وهكذا.. كل قارئ يرى في المقال – إذا قرأه – مجالاً خاصاً به.

ولا يجوز أن يتخصص الكاتب في الشؤون العامة في حيز ضيق لا يخرج عن نطاق تجربته الخاصة، إذ إن مهمة الكاتب هي إثارة الموضوعات وفتح الحوار وطرح الأفكار المختلفة، وإذا كان معروفاً عنه التخصص في مجال معين فإنه يستطيع حينها الخوض في العمق في ذلك الموضوع، والاكتفاء بالسطح في الموضوعات الأخرى.

والكتابة فن يتطور مع الاستعمال والممارسة، والكاتب معرض للخطأ أو الزلل.. وجلَّ من لا يخطئ.

Comments are closed.