لو كان كاتب هذه المقالات حياً يرزق معنا … ترى هل كان سيقبل عنوان هذا الكتاب؟
سؤال سألته نفسي قبل أن أوافق على عنوان الكتاب … وجاء الرد بالنفي … فكل الذين عرفوا أحمد الدعيج مؤلف الكتاب كانوا يعرفون عنه كرهه لعلامات الاستفهام فلقد كان يسأل ليجيب … الأمور بالنسبه له محسومة … وليس غريباً عليه فلقد بدأ المرحوم أحمد الدعيج حياته العملية في مجلس التخطيط حيث قضى فيها سنوات أثرت تجربته العملية… ولهذا ليس مستغرباً أن يكون للمؤلف إجابات للعديد من التساؤلات التي أثارها المواطن ولا يزال يثيرها … على الصعيد المحلي والعربي والدولي ففي مجال الوضع الاقتصادي الذي سببته أزمة سوق المناخ يلاحظ أن المرحوم أحمد الدعيج قد تنبأ منذ سبتمبر 1982 بما سيحدث في الاقتصاد الكويتي إزاء قصور القوانين التي صدرت ودعى بشكل صريح وعلمي إلى الحلول الناجعة ولو قدر للمسؤولين عن الأزمة في ذلك الوقت الأخذ بحلول أحمد الدعيج لخرجت البلاد من محنتها باقتصاد متين لا من خلال التصريحات التي كان يطلقها المسؤولون آنذاك بل من خلال عملية نشر بها المرحوم مجموعة من المقالات تحتويها دفتي هذا الكتاب وهي ما أخذت ببعضها الدولة بعد سنتين من حدوث الأزمة والمؤسف أن الحلول جاءت بعد فوات الأوان.
وفي مجال القومية العربية واللغة يكتب أحمد الدعيج مجموعة من المقالات تعبر عن فكر تقدمي قومي أصيل يربط فيه بين قوة الاقتصاد العربي وبين تحقيق الوحدة العربية … فهو يدعو بقوة إلى عودة مصر إلى الحظيرة العربية لأنه لا وجود لنا كعرب بدون مصر…
وكذلك لا وجود لمصر بعيداً عن محيطها العربي… ويؤصل كل هذا من خلال الاهتمام باللغة العربية باعتبارها أساس القومية العربية كما يردد في مقالاته والتي بها تتحدد الهوية ويتحدد الولاء ويجسد هذا المفهوم على المجتمع المحلي ولذلك هو يدعو إلى إعطاء العربي الجنسية الكويتية ويطالب بمنحهم الحق في الاقامة الدائمة وشراء الأسهم وتملك العقارات ويؤصل كل هذا بمفهوم قومي واقتصادي يعود بالنفع العميم على المجتمع الكويتي والعربي ، لقد كان المرحوم أحمد الدعيج يتمتع بنظرة شمولية للمشاكل ولهذا جاءت حلوله ناجحة وعلمية … كما جاءت نظرته لمشاكلنا العربية ابتداءاً من قضية فلسطين إلى رثاء سوق ابن دعيج نظرة مستقبلية علمية لقد كانت الأمور بالنسبة لأحمد الدعيج بائنة ومحسومة … كل مشكلة ولها حل علمي لطريق واضح لأحمد الدعيج … ولذلك فإنني عندما اخترت اسم “أين الطريق؟” لهذه المقالات لم يكن التساءل موجه إلى محتويات الكتاب بل هو تساؤل موجه إلى قارىء الكتاب قبل أن يقدم على قراءته فهو دعوة إلى القارىء لأن يتساءل أين الطريق لقضية فلسطين ولاقتصادنا العربي وللوحدة العربية …ولأزمة المناخ … وللجنسية الكويتية… ولجواز السفر الكويتي وعشرات المشاكل كلها ، وسيجد القارىء بعد الانتهاء من قراءة هذه المقالات أن الطريق واضح للمرحوم أحمد الدعيج ولذلك سار في هذا الطريق بسرعة ولذلك أيضا فقد حياته في الطريق ونتيجة السرعة…
ولعل هذه هي المفارقة. أن يموت أحمد الدعيج في حادث مروري على الطريق وهو الذي استطاع أن يرسم الطريق للعديد من مشاكلنا … ولكن إرادة الله _ ولا راد لقضائه _ شاءت أن يكون كذلك .. وكلنا سائرون على الطريق … وأتركك أيها القارىء العزيز تبني الطريق من خلال فكر ثاقب مستنير للكاتب المرحوم أحمد علي الدعيج…
محمد مساعد الصالح
١٩٨٤