December 23, 1982

للكاتب ذكريات خاصة بالطفولة في هذه السوق التي حملت اسم عائلته فترة طويلة من الزمن، ثم شاءت الظروف أن تزال هذه السوق مع غيرها من الأسواق المجاورة لها، باعتبار أن هذا من علامات التقدم!

ولقد أتيح لبلدية الكويت فرصة ذهبية حين هدمت منطقة الأسواق هذه بما فيها منطقة سوق بن دعيج، وبراحة بن دعيج، وفريج النبهان والعوازم وجزءاً من فريج المسيل؛ أن تفرض ذوقاً جمالياً عاماً يساعد على الارتقاء بذوق الناس الذين يؤمُّون هذه الأسواق، ويتيح للعين أن تتمتع بفنون الهندسة المعمارية الحديثة التي تحافظ على الروح الحضارية للبلاد مع استخدام الأدوات الحديثة في البناء، خاصة وأن هذه المناطق تقع في قلب العاصمة.

إلا أن الذي حدث هو عكس ذلك تماماً، وإذا كانت شقق منطقة الصوابر تعتبر غابة من الإسمنت فهي على الأقل غابة متناسقة، أما الغابة التي تقام الآن حيث كانت سوق بن دعيج فإنها قد أوصلت الذوق العام إلى درجات من القبح لم يكن متوقعاً حصولها، وزاد على ذلك الفوضى الضاربة أطنابها في واجهات البنايات وألوانها وأشكالها حتى صدق فيها قول الشاعر:

فجــــــــــــــــــاءت كثوب ضم سبعــــــــــــــــــــين رقعــــــــــــــــــــــة            مشكـــــــــــــــلة الألــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوان مختلفــــــــــــــــــــــــــــــــــــــات

ويجد الكاتب نفسه مضطراً لتكرار هذا البيت، ولكنه أصدق بيت لوصف فن العمارة أو انعدامه في البلاد.

والذي يزور تلك المنطقة الآن يهوله التزاحم والتراص وانعدام التنسيق وغياب الذوق والحس الجمالي في البنايات التي ترتفع ثلاثة أدوار، ولكنها تشبه الصناديق المكعبة الخالية من الروح، وكان التخطيط الأصلي يدعو إلى ربط أدوراها الأرضية بحيث تعود فكرة السوق نفسها.

وعليه؛ فإن الكاتب يعتبر أن ما يبنى الآن في ما كانت تُعرف بسوق بن دعيج إنما هو رثاء دائم لسوق بن دعيج الأصلية.

Comments are closed.